Le Tunisien Libre

Le Tunisien Libre

النهضة و السلفية من يمسح ذنوبه في من؟؟

 

ن الحدث البارز صبيحة يوم السبت 26ماي 2012احتراق جندوبة بنار السلفيّة اللذين استهدفوا ّ"جحور الفتنة والكفر" حسب تعبيرهم، فأحرقوا الحانات والنزلك بالإضافة إلي العديد من مراكز الأمن وبعدها بساعات قليلة نتفاجئ باقتحام مقر قناة الحوار التونسي وتحطيم معدّاتها وكذلك الاعتداء على بعض العاملين بها، هذه الأحداث أثارت استياء بالغا لدي عموم الشعب كما أثارت الرعب والخوف من تماديهم في أفعالهم هذه ونحن على أبواب موسم سياحي جديد ارتبط أساسا بتصنيف تونس في خانة (ب-ب) وهي الدول التي تشهد اضطرابا ونموّا للحركات المتطرفة.

كل هذه الأحداث تأتي في واقع مضطرب وفي أوضاع متوترة تهدد الاقتصاد التونسي وتنبئ بانهياره ليطرح السؤال أين الحكومة من عنف السلفيين خاصة وأن قوات الأمن لم تبد أي مقاومة لهؤلاء حسب شهود عيان؟

قبل الإجابة عن هذا السؤال لنستذكر معا التحركات الأخيرة للسلفيين في تونس من غزوة المنقالة إلى غزوة المطار مرورا بسيدي بوزيد وصولا إلى تهديد أبو عياض في خطبته بجامع الفتح، بالإضافة إلى اجتماع القيروان الذي شهد أعدادا غفيرة من السلفيين تخلله استعراض للقوة البدنيّة لبعض منتسبى هذا التيار، وهو ما يفند أن هذه الخلايا نائمة بل بالعكس متنامية ومتحركة تسعي إلى افتكاك موقع في الحياة السياسية ليطرح سؤال آخر:

من المستفيد حقيقة من توتر الأوضاع،هل الحكومة العاجزة أو المعارضة الفاشلة؟
لنبحث في دلالات تحركات السلفيين في مجموعات منظمة يبدو أنها تتمتع بنفوذ وموارد بشريّة هائلة إضافة إلى موارد ماديّة، فعلى سبيل الذكر لا الحصر اجتماع السلفيين في أحد أفخم فنادق قمرت للاحتفال بعيد المرأة وحضور شخصيات ممثلة عن التيار السلفي من أنحاء العالم وهو ما يبين أن هذه المجموعات تنشط تحت غطاء دولي وضمانات لتضمن سلامتهم في العمل السياسي والميداني خاصة أن تحركات غزوة جندوبة - حسب ما يروق لهم اطلاق الالفاظ على تحركاتهم- في واقع اتسم بالفشل الذريع للحكومة المؤقتة في حل مشاكل ما قبل 14جانفي بل بالعكس فقد تفاقمت واستفحلت بشكل يعجز التعامل معها بشكل واقعي وسليم وهو ما تعاملت معه الحكومة من افتعال مشاكل وقضايا جانبية لصرف الأنظار عن المشاكل الحقيقية للشعب التونسي ليكف عموم الشعب عن المطالبة بحقوقه من اعتصام التلفزة إلى الاعتداء على مقرات الاتحاد العام التونسي للشغل وضرب المعطلين وأخيرا الزيادة في أجور أعضاء المجلس التـأسيسي، وبالتالي أدخلت الحكومة نفسها في صراعات جانبيّة لا علاقة لها بما يعانيه المواطنون وأدخلت البلاد في حالة من الاحتقان والتنافر والمشاحنات الاديولوجيّة. نحن نقرّ أن التركة التي خلفها الباجي القايد السبسي ثقيلة جدا وعصية الحل في وقت وجيز، ولكننا نقر أيضا أن تصدير الأزمة سيزيد الأمر سوءا، وهو ما انتهزته المعارضة وما يعبر عنه بأزلام النظام السابق بتصدر المشهد السياسي في كيل التهم للحكومة المؤقتة لإجبارها عنوة على الاستقالة دون توفر بدائل جدية وحقيقية تضمن لتونس أن تخرج من عنق الزجاجة، لتتوسط مجموعات من السلفيين هذا الواقع بين معارضة وسلطة وواقع متأزم، إضافة إلى تجاهل قوات الأمن على التعامل معهم بزجر وهو ما يذهب إليه بعض الملاحظين أن حكومة النهضة هي المستفيدة أولا من ملف السلفيين، فدون أن يُحل هذا الملف بموضوعيّة وعقلانيّة بعيدا عن تصفية الحسابات السياسية الضيقة والتي لا تنفع مجتمعنا، ففي هذا الإطار استيقظت الخلايا النائمة للتجمع الدستوري الديمقراطي الحزب الحاكم المنحل بعد 14جانفي 2011، وبدأت في تنظيم نفسها وحشد أنصار من فئات ضعيفة ازدادت سوءا بعد ما يعبّر عنه بثورة 14جانفي، وهو ما يعطل فعلا مرحلة الانتقال الديمقراطي الذي يتطلب بالأساس المحاسبة والمصارحة والمصالحة في إطار عدالة انتقالية تضمن لتونس الدخول في تجربة ديمقراطية حقيقية.

سبق وأن وصفنا الواقع وبينا أنّه واقع ذو ثلاثة أقطاب: حكومة مشلولة ومعارضة متحفزة لنيل السلطة ورجوع فلول النظام، لنطرح السؤال: لصالح من يتحرك السلفيون في تونس ؟
من الغباء أن تربط تحركاتهم لصالح طرف من الأقطاب الثلاثة سابقة الذكر، بل بالعكس فهم يتحركون من اجل إحراج الأقطاب الثلاثة، خاصة وأنهم يتمتعون بدعم مالي ودعم أجنبي عربي،أليس بمحيّر تهديد أبو عياض لحركة النهضة ونعتها بعميلة لليسار الكافر؟ بالإضافة إلى أننا لن نصدق أن السلفيين ذراع عسكري أو سياسي لأزلام النظام أو المعارضة، خاصة وأنهم ينشطون بكثافة في الأحياء الشعبية والجهات المهمشة والمفقرة، بالإضافة إلى أننا لم نشهد ثورة ثقافية تزيح وتزعزع البني التقليدية المتخلفة لنضمن أن شعبنا قادر على اختيار بديل ديمقراطي يلبي حاجياتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية أيضا.

إن الخوف الحقيقي ليس من المعارضة والحكومة، بل الخوف من وجود خطين متوازيين لم يحسب أحد لهما حسابا: عودة النظام القديم أو افتكاك السلفيين لموقع بارز في الحياة السياسية.
لسنا بصدد تقديم الحلول بل إثارة الأسئلة الحقيقية لنبحث جميعا في مخرج مشرف لواقعنا لعلنا ننجو من خطر الوهابية السلفية وخطر الدكتاتورية القديمة الجديدة.

المعادلة السياسية صعبة للغاية وواقع المواطنين أكثر صعوبة فكلّما ازداد التناحر السياسي كلّما تنامت معانات المواطنين وكثرت مطالبهم وازداد الواقع أكثر قتامه واستغل التطرف الوضع ليتنامى هو بدوره ويصبح كالطاعون في جسد البلد.
الحكومة أمام تحدّ، وكذلك المعارضة.. فما تشهده تونس اليوم هو نتاج لصراعات سياسويّة إيديولوجية لا ناقة للشعب فيها ولا جمل، والسلفيّة لم تأتينا من المريخ فهي واقع في مجتمعنا يتطور يوما بعد يوم كالنار في الهشيم، كما هو الحالة لعودة فلول النظام السابق، وبالتالي أصبح المشهد السياسي في تونس أكثر وضوحا بين معارضات مختلفة وحكومة بثلاثة رؤوس والمارد الآتي من الشرق، والذين بعثوا من جديد بثوب ملائكي.. وبين ذالك وذاك الخاسر الأبرز هو المواطن. فالكرة اليوم في ملعب السياسيين ورجال الدولة وكل مكونات المجتمع المدني لإيجاد حلول شافية وكافية للخروج من هذا الوضع الصعب وتجنيب البلاد ما لا يحمد عقباه



23/06/2012
0 Poster un commentaire
Ces blogs de Politique & Société pourraient vous intéresser

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 12 autres membres