Le Tunisien Libre

Le Tunisien Libre

الترويكا : الشعب ذنوب الموت وهم حسناتها

 

لم يكن غريبا ابدا على تونس ان تكون الشرارة الاولى لاندلاع ما تم تسميته بالربيع العربي ،فتونس  التي تمتلك اقدم وثيقة قانونيّة من  زمن القرطاجنين ومنها انبثق اول دستور في العالم العربي و الاسلامي وهي التي  انجبت العديد من العظماء على مر التاريخ :حنبعل و الكاهية و أوغستيس و اسد بن فرات و ابن خلدون و الطاهر الحداد و غيرهم كثر، وشيدت أعظم جامعات العلم والمعرفة في العالم السني باحتوائها لجامعتي القيروان و الزيتونة، وبإقامة جامعتي الأزهر بالقاهرة على يد جوهر الصقلي، والقرويين بفاس بفضل امرأتين هاجرتا من مدينة القيروان إلى المغرب الاقصى.

من هنا نستخلص ان هذا الشعب كان على مر التاريخ ثائر و متمرد ،فهروب  رأس النظام يوم الرابع عشر من جانفي وسقوط العديد من القتلى و الجرحى لم تكن إلا  بداية لمسار ثورى قد يطول أمده في ضل ما نشاهده اليوم من تطورات واضطرابات تواصلت إلى حد كتابة هذه الاسطر ،فهل تم بالفعل القضاء على المنظومة الفساد التي كانت تمهد و تهيؤ الارضية لبن على و زمرته و هل يمكننا القول اليوم ان الشعب التونسي قد تحرر وتحققت احلامه البسيطة ؟؟

الذي جد  بتونس بالتأكيد هو سقوط راس النظام لا النظام و بالتالى لم يتغير نمط الحكم و لم يتم تفكيك هذه المنظومة التي حكمت البلاد لعشرات السنين و توغلت في مفاصله كالورم ،في الحقيقة هذه العملية تتطلب تواجد ارادة سياسية و حكومة تنبثق عن الثورة تكون قراراتها ثورية لا ترقيعية ،فبالرغم من كل الذي شهدته تونس من احداث ابان الثورة الا انه لا تزال معدلات الفقر و البطالة في تزايد مخيف ينضر بانفجار قادم في ضل ما خلفه هذا من احتقان في صفوف المواطنين خاصة  الفئات الاكثر فقرا وتهميش والمناطق الأكثر تضررا من الحقبتين التجمعية و البوقيبية .

وبعد انتخابات المجلس التأسيسي و تشكل الحكومة "حكومة الترويكا " و التي تكونت من ثلاثة أحزاب سياسية على رأسها حركة النهضة الاسلاميّة  و تنصيب رئيس الجمهورية احتد التنافس الحزبي بين مكونات المجتمع المدني في ضل تشكيلات ايديولوجية داخل المجلس التأسيسي بالإضافة إلى ضعف مردوديّة الحكومة و قلّة خبرة وزرائها  وتشكل المعارضة رغم ضعفها و تشتتها ،فكل الانظار مسلطة على الحكومة و المجلس التأسيسي ،ليشتد  الصراع داخل هذا المجلس  بين المعارضة و الحكومة مما عمق في ازمة المواطن البسيط وزاد في ضبابية المشهد السياسي لديه ،فيمكننا وصف الوضع اليوم بحالة الاحتقان السياسي وعدم الثقة بين المواطن و الاحزاب و نعوز ذلك بالأساس للحملات الانتخابية التي لا تعرف سبيل لبطاقات الناخبين إلا  بالاسفاف و الكذب و الوعود الارجوانية بالإضافة لكثرة الصراعات و التناحر و التراشق بالتهم بين هذا و ذاك ، ففي هذا الوضع يقف المواطن البسيط حائرا امام هذا الكم  الكبير من المفاهيم الجديدة على مسامعه كالديمقراطية التي اصبحت على ألسنة الساسة وفي مدارات الشاشات ،فديمقراطية هذا المواطن البسيط بسيطة مثله متمثلة في الكرامة أولا والحرية ثانيا و المساواة ثالثا مع غيره من المواطنين .

 الكل اليوم يراقب و يرقب أداء هذه الحكومة ومدي صدقها ووفاءها لوعودها الكبيرة  التي اثقلت كاهلها ، فالخطابات الراديكالية المفعمة بالتفائل و الغلو أحيانا تغيرت  لتصبح  أكثر عقلانيّة وواقعية و احيانا انهزامية امام هذا الواقع الصعب للغاية فمن السهل ان نشاهد و ننقد ولكن من الصعب جدا ان نكون نحن من يقرر مصير شعب بأكمله ،فالحكومة اليوم امام تحديات على مختلف الواجهات و اول هذه التحديات هو الحكومة ذاتها فأخطاء من فيها اكبر عائق أمامها و كذلك الحفاظ على وحدة هذه التركيبة الثلاثية ومن التحديات البالغة الاهمية هو الحفاظ على الامن دون قمع في ضل ما تشهده البلاد من اعتصامات و اضرابات و قطع للطرقات بالإضافة إلى  التطرف الذي اخد في النمو امام صمت و تغافل هذه الأخيرة .

لا يفوتنا ان نقر بكون  التركة التي خلّفها  الباجي ثقيلة، لكن على هذه الحكومة ان تتجنب الصراعات و التجاذبات العقيمة التي سقطت فيها ،فدخولها في معارك مع نقابة العمال و المعارضة و غيرها من المنظمات المستقلة اعاقة نشاطاتها و ادخلت البلاد في دوامة من الصراعات عمقت ازمة المواطن البسيط و زادت في انهيار جدار الثقة بينه و بين الحكومة و المعارضة على حد السواء ،فالخوف كل الخوف اليوم ان تضيع هذه الفرصة التاريخية ونعيش عقود عديدة نحارب طواحين الماء ،فقد وجب على هذه الحكومة العمل بالقول بان العدل قوامه الحاكم ومحاربة الفساد منطلقها استقامة القائد  ،فهل يصبح الشعب هو ذنوب الموت وهم حسناتها ؟




01/07/2012
0 Poster un commentaire
Ces blogs de Politique & Société pourraient vous intéresser

Inscrivez-vous au blog

Soyez prévenu par email des prochaines mises à jour

Rejoignez les 12 autres membres